خواطر , استوقفتني أية , مقالاتي , "وذكــّر", صفحة من التاريخ , فلسطيني

الثلاثاء، 18 يناير 2011

استوقفتني آية

والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ..
كثير ما استوقفتني هذه الآية .. وعندما كنت أقرؤها .. كنت آخذها على أنها مرتبة عالية .. أحاول ان اصل اليها.. لكني بقرارة نفسي لا أدري كيف .. او بالأحرى اقول ذلك حتى آخذ أجر النية فقط في الوصول لتلك الدرجة فهي عالية باعتقادي ..
معنى الغيظ أوقفني جدا وبحثت عنه .. الغيظ هو حين يغضبك أحد أشد الغضب .. وفي تفسير لها هو الحنق والغضب .. والحنق هو شدة الغيظ .. لذا وصفت النار في القرآن  "إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا" .. اي سمع لها صوت لشدتها .. فوصفت بالتغيظ ..
..سبحان الخالق .. كيف لي أن أصل لهذه الدرجة ؟؟ أن أكظم هذا الغيظ .. كيف يمكن لبشر أن يصل لهذه الدرجة .. ولا يمكن ان يمدح الله او يطلب من عباده شيئا ليس بوسعهم ..؟؟
 كظم الغيظ .. لا تغضب .. ليس الشديد بالصرعة .. احاديث وآيات تجعلني أحس بضعف نفسي عندها وغلبة شيطاني علي في هذه الأمور .. فلا أدري .. هل هي الغريزة البشرية .. أم أن كدر الدنيا وقلة الصبر والضيق أصبح يكبلنا.. فنحن بدورنا نطلق عبارات مدوية تجرح الناس .. ومن جهة أخرى لا نستحمل من أحد كلمة قالها ولا نصبر ..
حاولت محاولات عدة أن أكظم غيظي .. لكن معظم تلك المحاولات تكون على شفا جرف هار وتنهار بعدها في وادي الغضب بانفلات كلمة تفجر ما كنت أكتمه في داخلي ..
ربما هذه درجة لا استطيع الوصول اليها ..فهم درجات عند الله .. لكن لا استطيع .. فعليا على الواقع وان جربت .. فعندما أجرب أحس أنني سوف اتمزق واتفجر أشلاء لإني لم أعبر عن غضبي.. هل هذا هو المطلوب فعلا ..هل هنا يؤخذ الاجر..طيب أصلا في هذه الحالة بالنسبة لي ستكون النتيجة أنني لم اعبر عن غضبي ولم اقول شيئا وزاد حقدي في نفسي على الشخص .. وحاشى لله ان يكون ذلك القصد ..
صراع كبير كان في داخلي .. حتى اكتشفت أن فهمي الخاطئ هو السبب وأن هناك معادلة لم يفهمها عقلي ..
عندما نحاول أحيانا تطبيق هذه الآية العظيمة .. نقف عند جزء منها .. الا وهو كظم الغيظ .. ولا نطبق بقية الآية .. فمن الطبيعي أن تنفجر .. عندما تكظم غيظك فقط بالطريقة الخاطئة ولا تكمل .. يعني حسب فهمي البسيط .. الله سبحانه وتعالى لم يذكر والكاظمين الغيظ فقط ..انما ذكر معها والعافين عن الناس ثم ذكر معها والله يحب المحسنين .. أي عندما تتعرض للغيظ والغضب والحنق من شخص ما .. تكظم غيظك اي تمسك على  ما في نفسك وتحبسه .. فيجب عليك اذا أردت أن ترتاح أن تقوم بعملية معالجة بسيطة لهذا الغيظ داخل صدرك وتحوله من غيظ الى عفو  لا أن تبقيه مكظوما أي حبيسا بدون ان تعالجه .. فتكون حينها من المحسنين ....ووقفت عند المحسنين أيضا فالإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك .. أي الإخلاص ومراقبة النفس وتنور القلب والبصيرة حتى يصير يرى الغيب عيانا .. وهذه ثالث الدرجات التي سأل عنها جبريل بعد الإسلام والإيمان .. فكأنك تعالج نفسك من الغضب وتتنقل سلم الدرجات الى ان ترتقي بنفسك لتصير من المحسنين .. وكفى بالاحسان جزاء أن يحبك الله ..  فالله يحب المحسنين ..
فيصبح عندك الغضب الدنيوي شيئا لا يأخذ من وقتك أبدا وتترقى وتترقى لتصبح من المحسنين الكريمين المعطين المتصدقين بعرضهم كأبي ضمضم ، عندما قال الصحابة لرسولهم ومن هو أبو ضمضم يا رسول الله ؟ قال : "إن أبا ضمضم كان إذا أصبح قال: اللهم إني قد تصدقت بعرضي على من ظلمني"، وفي رواية: "اللهم تصدقت بعرضي على عبادك" .
هكذا حاولت أن افهم الآية وهو ليس تفسيرا انما هو شيئا فهمته من الآية لاعالج نفسي .. وافهم ان المقصود ليس الكبت بالصدر انما هو العفو لتصير من المحسنين ...
وما كان من كلامي صائبا فمن توفيق الله وما كان خاطئا فمن نفسي ومن الشيطان والله بريء منهما ...


ملاحظة :* معاني الكظم والغيظ والحنق هم من المعجم الوسيط .
*تم تخريج حديث أبي ضمضم وهو حديث حسن بروايات أخرى غير التي ضعفها الالباني .

هناك 6 تعليقات:

  1. جميل جدا ً رهف ..

    وهناك أيضا ً أية في القرآن الكريم ، يقول تعالى : فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴿٨٥:الحجر﴾

    تـُفيد وتساند المعنى المذكور .. وهو أيضا ً : الصفح عن الناس دون منـّة لهم

    اللهم إني أتصدق بعرضي عمّن ظلمني .. وهنيئا ً لي بمغفرة السيئات منهم ونيل الحسنات :)

    ردحذف
  2. فهمك للآية راااائع جداً ,,, الله يعطيكِ ألف عافية ,,, وكمان بدّي أعلّق على : ( والعافين عن الناس ) ,, المقصود هنا العفو عن الناس بدون عتاب أو ذِكر للخطأ والمساويء التي حدثت ,, يعني أن نُسامح ونغفر للناس بمجرّد أن نختلق الأعذار لهم وبدون حتى معاتبتهم ,, وهُنا الجهاد ,,, لأنّ النفس عادةً تطلب من الشخص نفسه أن يُعاتب ويُفضي ما بصدره لمن أغضبه ,, ولكن الآية طلبت منّا لكيْ نكون مُحسنين أن نغفر بدون ذِكر الخطأ أساساً .... :)

    شكراً لوقوفك على هذه الآية الجميلة .... :)

    ردحذف
  3. رائع يا غاليتي :)

    اللهم اجعلنا من المحسنين ..

    استوقفتني هذه الأية مراراً وتكراراً

    ردحذف
  4. سدد الله فهمك.. وبارك في مداد قلمكِ

    نحتج وقفت كهذه من حين لحين..
    فنعيد تحليل تلك البقايا في قلوبنا
    نغسلها ببرد العفو.. ونسأل الله أن يبلغنا الإحسان

    نستغفر الله ونتوب إليه لنا ولمن آذانا.. :")


    وفقكِ الله أخية

    ردحذف
  5. سبحان الله بتول .. كلها آيات تكمل بعضها وتدفعنا الى المزيد من الصفح والعفو ..جزاك الله خيرا ..

    تسنيم .. هو جهاد يحتاج الى الكثير منا لكن الله يهدينا السبيل ان اردنا ذلك بحق .. وهذا هو العفو ..بدون ذكر الاخطاء ووالعودة اليها ...جزاك الله خيرا

    هبة ..أشكرك جدا .. جزاك الله خيرا

    ميساء صديقتي .. فعلا نحتاج ..لان نغسل قلوبنا وببرد العفو ايضا ..كلمات صادقة .. دخلت قلبي.. جزاك الله خيرا

    ردحذف
  6. في الحقيقة كنت بحاجة قصوى لهذه الكلمات :)
    شكراً جزيلاً يا رهف

    وأطالع في الفترة الأخيرة كتاب " كيف تتحكم في مشاعرك وأحاسيسك " لدكتور ابراهيم الفقي الذي يبين أثر الغضب على الجسد والعقل والفكر ...

    فنجد الله تعالى قد عالجه من 1400 عام بإبدال الغضب إلى عفو وربط ذلك بأجر المحسنين :)

    بارك الله فيك وفي أمثالك ولا تحرمينا هذا العلم صديقتي

    آلاء سامي

    ردحذف