قرأت مرة لكاتب قدير عن موضوع الانتخابات الطلابية في الجامعات .. فقال حينها انها كالاستنبات في الأرض اليباب..
هي أرض يباب مقفرة ،والاستنبات فيها ممكن لكن يحتاج الى أكثر من مجرد ضوء وماء لكي يؤتي أكله فعليا في المجتمع ، هي انتخابات بحسب معاينتي لأجوائها من قريب للسنة الثالثة على التوالي ،تحتاج الى أكثر من مقالات وآراء وجرائد ، بل هي تحتاج الى برامج ومؤسسات و خطط ودراسات تحليلية بعين الناقد المتبصر لما وراء تلك الافتات و القائمات والوريقات الإنتخابية.
يوم الخميس - يوم انتخابات "الأردنية" - كان يوم تكشفت بالنسبة لي حقائق وغايات، وظهرت الوقائع على حقيقتها بالأحرى،وامتاز التناقض الذي يتغلغل في مجتمعنا وبين شبابنا حتى في الإتجاه الفكري نفسه،وظهر خليط من العقد والمشاكل المتفشية فينا والتي تحتاج كل واحدة منها لحلها مؤتمرات وحوارات ربما دولية وليست محلية،قد لا أستطيع تعدادها لأن كل مشكلة مرتبطة ارتباط وثيق بالأخرى، وليس الهدف من ما أقول هو ان أظهر الأمورعلى شكلها السلبي فقط لا غير،وإنما هناك أكثر من زاوية علينا النظر من خلالها عند مشاهدتنا لتلك الإنتخابات.
أولى هذه الأمور الواجب النقاش فيها كما أعتقد،هو أن هذه الإنتخابات أو العمل الطلابي بشكل عام هو بداية الإنطلاق القوية لأي مشروع قائد او صاحب فكر نهضوي او تجديدي أو ديني أو تحرري أو سياسي أو اقتصادي او اي فكر وطموح يسعى لتحقيقه سواء كان ذلك إيجابا أم سلبا على المجتمع، لذلك كان حريا بنا نحن كدولة
تحتضن شبابها وتتبناهم أو على الأقلية كأصحاب قضية نريد اليقظة والتحرر لأمتنا،ان نعي تلك البداية لشبابنا ونوجهها خير موجه،ونشحنهم بالطاقة المثالية لتجعلهم يصلوا الى قمة ما هو خير لدينهم ووطنهم،لا أن نترك الأمور تأتي هكذا ضرب عشواء،على عواهنها،هنالك مصالح وغنائم قد تصب في بوتقة المجتمع اذا تم التوجيه الصحيح والمخطط له لهذا العمل الطلابي،يجب علينا ان نجعل هذا العمل ميدان تدريب صغير لإعداد قادة المستقبل،فمثلا الشعارات والأفكار ونهج التغيير و روح المنافسة والأساس القيادة والمسؤولية هو أهم ما يجب أن نغرسه فيهم،لا أن يكون الفشل سمة المرشح فيفوز لحظه العشائري أو الفكري!!
الانتخابات ليست من أجل الإنتخابات وخصم القسط الدراسي وغيرها من مميزات للفائز، بل هي باعتبارها عنصر من عناصر القوة اللازمة للنجاح في عملية الصراع الدولي والتربع على عرش السياسة والاقتصاد،وهذا ما فهمه غيرنا ممن "يهمه أمر يقظتنا وغفلتنا"،فهم عملوا على إيجاد تكامل بين عمل الجامعات من جهة وعمل المؤسسات الإقتصادية والعسكرية والسياسية من جهة أخرى، فمن قاعات هذه الجامعات تنقل المحصلة الى جماعات صنع الرأي ومراكز اتخاذ القرار، ويتم على أساسها بناء المجتمع المحلي لديهم ومواجهة العالم فيه.
وما نراه الآن وما نحن فيه حتى وان كان على مستوى من الترتيب والتنظيم الا أنه لم يرق وللأسف الى أن يكون محطة نعبر بها لنقود الآخر، فالعشائرية والتعصب وأحيانا الجهل هو الذي يكسو هذا العمل، ولا أدل على ذلك مما يحدث بعد إعلان النتائج من سلوكيات ، تقتضي اصدار ممنوعات، أولها عدم دخول الجامعة قبيل ساعات من انتهاء التصويت،فتختلط الأمور ويظلم من لا ذنب له من حق الدراسة في ذلك الوقت.عدا طبعا عن الأمن والشرطة الذين يستنفرون مساء ذلك اليوم لفض أي نزاع وشجار قد يلحق في ساحات الديمقراطية هناك.
قد لا يخلو الأمر من الوعي نجده هنا وهناك، الا أنه وجب علينا الإنتباه الا ان هناك من يستغل تناقضات وأخطاء نعيشها ونرتكبها كل يوم حتى وإن كانت تفصيلات صغيرة .
لذلك حتى وإن كنا كحكومات لا نتبنى هذا الفكر،لكن علينا نحن وأنتم كصناع قرار تبني هذه المواقف حتى نستطيع أن نخرج أنفسنا من قعر الأمم والحضارات.
.
.
.
.
وهذه بعض الصور من آخر انتخابات في الجامعة بعد النتائج :