"ونـــــفس وما ســــواها"
هذه الآية حفظناها ونحن صغارا ورددناها كثيرا .. دون أن نعرف - على الأقل بالنسبة إلي - عظمها رغم قصرها ..
هذه الآية حفظناها ونحن صغارا ورددناها كثيرا .. دون أن نعرف - على الأقل بالنسبة إلي - عظمها رغم قصرها ..
هذا القسم من الله بالنفس ..
عظم خلقتها وتكوينها العجيب قد يتبادر الى الذهن بأنه قد يكون سبب القسم ..وهو بالتالي شيء معروف و بديهي .. لكن التفكير بالبديهيات من جديد يعيد روح الإعجاز لهذا البديهي الذي ألفناه ..
هذه النفس التي سواها رب العالمين ..
حتى في تعريفها حيرت الفلاسفة واختلفوا أيما اختلاف ،فكيف بحقيقتها ؟
قال عنها أرسطو : "هي كمال أول لجسم آلي ذي حياة بالقوة" ،، و ابن سينا قسمها لنفس نباتية وحيوانية وإنسانية ،،
أما ابن رشد:فعرفها بصعوبة -واعترف بالصعوبة- قائلا بأنها : "ذات
ليست بجسم، حية عالمة قادرة مريدة بصيرة متكلمة، وبأنها
الجوهر الذي هو الصورة " ..
وأنا أعرفها و أردد : "صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون" ..
النفس جوهر الإنسان فكيف بهم أن لا يتباينوا وأن يتعجبوا ويغوصوا في حقيقتها ؟؟
فلسفة النفس التي خلقها الله عز وجل ، يجب على المسلم أن يتعدى التفكير بإعجازها أنها غير مادية وفيها قيم ومبادئ !! هو تعدٍ عن هذه المرحلة لأخرى .. تعدٍ أهّلني له الغوص في بحر علم النفس والقراءة فيه هذه الأيام ..
النفسيات ترتبط فيها شخصيات لها أهواء معينة ، تتأثر بالبيئة بالمجتمع والتربية وغيرها .. قد أقول أن كل نفسية كالبصمة التي لا تتكرر حتى في اليد نفسها ، وكذلك النفس أو الشخصية حتى تحت تأثير البيئة ذاتها لا تتكرر
فالبتالي ..
تتنوع الشخصيات ،، سليمة يشوبها بعض الخصال أو مريضة لا تخلو من الجزء السليم ..فمثلا نقرأ عن الموسوسة والمضطربة او الانفصامية او الانتقامية او السيكوباتية ، قهرية عدوانية اعتمادية انطوائية اجتماعية خجولة حدية،
وغيرها الكثير الذي من المحتمل أنه لم يصنف بعد ...
عندما يتعامل المرء مع مجتمع صغير ، تنحصر فيه تنوع هذه الشخصيات ، لما ينتقل لمجتمع أكبر كالجامعة قد ينصدم لتعامله مع أصناف مختلفة وعالم آخر وجامع لمعظم الأشياء ، وهكذا كلما ينتقل من مجتمع لآخر يكبر معه فيتعلم الأكثر منه ..
لكن الإحتكاك الإضطراري ، أو الخبرة التي تكسبها نتيجة دراسة ما بقرب هذا الموضوع تجعلك أكبر وعيا وفهما للمسألة ..
المسألة العجيبة ..بل الأحرى المعجزة ..لما نرى من خلال القراءة المتخصصة عن هؤلاء أو التعامل كمختصين بهذه الأمور اعجاز شرع الله وأحكامه ..
فعلى سبيل المثال ،أنهيت اليوم دورة عن "التفريق بين الزوجين بسبب الشقاق والنزاع" دورة فقهية متخصصة بشؤون الأحوال الشخصية والطلاق والدعاوي والمحاكم ..
قرأنا عن دعوات وجلسات تحكيم بين الزوجين وحضرنا محاكم ورأينا نفسيات .. شيء تشيب له الولدان .. ولما ترى شرع الله وأحكامه الدقيقة الواضحة ، تقف مذهول مهللا معظما شعائر الله .. فحينها حقا يصيبك حظ من تقوى القلوب ..
منهاج رباني وفقا للتكوين النفساني .. تهيئة كاملة ..
فبعض الأحكام شرعها الله سبحانه وفصلها هو في كتابه بشكل دقيق كالميراث والفرائض والأنصبة .. لو تركت لهذه النفسيات- التي ما علمناها من قبل ولو جلسنا الف سنة لن نعلمها كلها- لفسدت السماوات والأرض ..
فلا أدري كيف لمنهج وضعي أن يكون شاملا محتويا متكاملا رحيما..
بعض الأحكام نقول وما الداعي لها في قرارة أنفسنا .. تخرج حالة ربما تكون واحدة لكنها تعالج نفسية ما ،، لم يعالجها الا هذا الحكم ..
ما رأيناه من واقع مجتمعي من نفسيات تخون أزواجها وتقيم علاقات خارجية تكذب وتقسم أمامنا على الكذب من يخبئ عن زوجته أنه تاجر مخدرات من يطرد زوجته بعد 6 شهور من البيت ليلا من يأتي بأصدقائه الى بيت الزوجية ،من يكون في قمة الإلتزام وعند الزواج والطلاق لا يضع مخافة الله أمام عينيه ، استغلال وعدوانية وقهر و طمع ، وهي ليست تصرفات شاذة ،للأسف ظاهرة .. نسأل الله الثبات لنا ..
قيم الإسلام تغيب من هذه العلاقات،، وسبحان الله علم النفس يوجهك دائما كعلم لا دين إلى مبدأ التمس لأخيك 70 عذرا ، عدم الشك ، ضبط النفس ،الابتعاد عن الكره والحقد ، التسامح ، القناعة ، وغيرها ، حتى أن بعض الشخصيات وصفة التعامل معها هي وصفة منهاج قرآني ونبوي بحت ..
نحن نحتاج لتجديد في فهم الحكم الشرعي الفقهي ومعها فهم نفس المكلف، كي لا نكون بعيدين عن الواقع عندما نطلق اجتهاداتنها وفتوانا في مستجدات العصر ..ولكي نكون منصفين حتى في آرائنا ..
نحن لا يصلحنا غير دين رب العالمين ..صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون ..
سبحان من قالت له الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء فقال لهم إني أعلم ما لا تعلمون ..
سبحان من لا يعلم هذه النفس إلا من سواها ولا يستنقذها إلا من أودعت فيه فإما زكاها أو دساها ..
:)